top of page

تعزيز الحكم المحلي من خلال التقاسم الحقيقي للسلطة

الأحد، 10 يناير

|

نقاش عبر الويب

التسجيل مغلق
مشاهدة أحداث أخرى
تعزيز الحكم المحلي من خلال التقاسم الحقيقي للسلطة
تعزيز الحكم المحلي من خلال التقاسم الحقيقي للسلطة

الوقت

10 يناير 2021، 6:00 م – 9:00 م غرينتش+2

نقاش عبر الويب

عن الندوة

لمشاهدة تسجيل الاجتماع، يرجى الضغط هنا.

خالل المرحلة االنتقالية، حاول العديد من المبعوثين الخاصين لألمم المتحدة إلى ليبيا التوسط من أجل تأليف حكومة وحدة وطنية وفقا التفاقية تقاسم السلطة التي يمكنها الجمع بين السلطتين القائمتين المتعارضتين وضم غالبية القوى السياسية والميليشيات - وما نتج عن ذلك إال زيادة االنقسام.

 

هذه المحاوالت لصياغة "حل سياسي" للنزاعات الدائرة في ليبيا اليوم تتوخى إنجاز حلول تستند إلى مركزية متضخمة وعاجزة عن بسط سلطتها في آن واحد ال تناسب الواقع السكاني واالقتصادي واالجتماعي والثقافي في البالد.

 

لم تكن معادالت المحاصصة واقتسام السلطة بين األطراف السياسية غائبة عن ملتقى الحوار السياسي وجوالته. فكثر الحديث عن المثالثة بعيدا عن إطار دستوري أو نظام إدراي. في حين ما ينبغي أن يهتم به األطراف المتفاوضون وجميع القوى الفاعلة هو التباري في صياغة وطرح رؤى مستقبلية رصينة، وليس التباري في اقتناص المكاسب الضيقة والخروج باتفاق سياسي شكلي انتظارا تحقيق مكاسب أكبر مستقبال.

 

إن أي معادلة ال تضمن تقاسما حقيقيا للسلطة وإدارة جيدة للموارد يتجاوز نطاق القوى السياسية ويشمل جميع مكونات األمة الليبية تمعن في إضعاف ليبيا عوضا عن تقويتها. هذا فضال عن أن معادلة تقاسم السلطة بين النخبة السياسية الضيقة قد أخفقت مرارا وتكرارا.

 

في الواقع، إن هذه المعادلة قد أدت إلى زيادة أوجه الضعف األساسية في البالد والتي تتضمن 1 )االنقسامات االجتماعية والسياسية العميقة، 2 )ضعف المؤسسات الوطنية، و3 )المظالم طويلة المدى التي انتشرت بين كثير من المدن.

وبينما يُعد تأسيس سلطة سياسية قادرة على المستوى الوطني أمر مهم - كما هو الحال بالنسبة لوضع اللمسات األخيرة على الدستور وتعزيز الهوية الوطنية والمؤسسات الوطنية الرئيسية - فمن غير المرجح أن يسفر هذا النهج الذي يعتمد مركزية متضخمة عن تأسيس سلطة قادرة ولديها من المقومات ما يتيح لها أن تلعب دور المحكم بين القوى والفصائل أو أن تواجه بصرامة االنقسامات المستمرة والتحديات األمنية واإلجرام.

 

إن مسألة الهويّات والكيانات المحلية واإلقليمية والوطنية تكتسي أهمية كبرى في السياق الليبي في ضوء ما تتسم به ليبيا من محدودية عدد الس ّكان في مقابل سعة المساحة الجغرافية، وفي ضوء موقعها الجغرافي المحوري الذي يربط عددا من المناطق.

 

إن األمة الليبية تجسد مفهوم "وحدة التنوع". فالنسيج السكاني الليبي الواحد عبارة عن خليط من مجموعات تتمثل ثقافات متنوعة بتوليفات مختلفة. والليبيون ذوو هويات متعددة ومتطورة وهم يتسمون باالنفتاح على محيطهم وعلى العالم. هذه الخصائص االجتماعية تأبى أن تكون وسيلة تحقيق الوحدة فرض الحلول بالقوة أو من خالل التسويات القائمة على المركزية المتضخمة فيما يتعلق بالسلطة والتحكم بالموارد. فبالنسبة لالحتمال األول، أي احتمال فرض الحلول بالقوة، فمن البديهي أن الشعور باإلجحاف سيدفع القوى والمجموعات المحلية واإلقليمية/الجهوية لرفض مسعى الفئة أو الفئات التي ستحاول فرض كلمتها باإلكراه أو من خالل الهيمنة. على مركزية متضخمة، فإن األكيد أنه سيتعذّ أما بالنسبة لالحتمال اآلخر، أي إبرام تسويات تستند ر التوصل إلى إجماع بالمعنى الحرفي للكلمة بين جميع القوى نظرا للتعددية السائدة في البالد.

 

والحال كذلك، فإن منتدى الخبرات الليبية للسالم والتنمية يرى أن الطريق الصحيح الذي ينبغي السير فيه هو المشاركة الحقيقية في السلطة وإدارة جيدة للموارد من خالل مقاربة قاعدية وإنشاء نظام إداري مختلط يجمع

بين الالمركزية وبين المركزية "متعددة األقطاب" واآلليات المختلفة التي تسهم في تسوية النزاعات بالطرق الودية على نحو عادل وتعزيز سيادة القانون.

 

إن هذه المقاربة التي نقترحها ستبني على جهود وحدات الحكم المحلية التي تتمتع بقو ة ال يستهان بها، وس تنتج توازنا بين القوى والمجموعات المحلية المختلفة، مما س يتيح الحفاظ على االنسجام وتعزيز التعاون بينها )وتجنب سيطرة أي مجموعة أو مجموعة من المجموعات على البقية(. وإلى جانب التركيز على النمو واالزدهار المدعوم بنهج اقتصادي منفتح ومتنوع، يمكن لهذا المزيج أن يبني على نقاط القوة في الدولة وأن يقلل من االنقسامات.

 

إن توزيع السلطة والحيلولة دون تركزها في يد سلطة تحاول االستناد إلى مركزية متضخمة سيقلل إلى حد كبير من الصراعات الصفرية التي تتوخى األطراف فيها االستحواذ على جميع مقومات القوة. كما إنه سيسهم في استئصال نزعة الريعية، وهو ما يسمح بحصول تحوالت إيجابية اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. ومن شأن ذلك أن يساهم في تعزيز وحدات الحكم المحلية القائمة والفعالة باعتبارها البنيات األساسية للدولة، وذلك بدال من قصر جهود اإلصالح على الوزارات المركزية.

 

وال شك أنه سيظل من األهمية بمكان تعزيز المؤسسات الوطنية الرئيسية )مثل المؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي ووكالة االستثمار الليبية(. وال يمكن بحال االنتقاص من أهمية هذا الموضوع. على أنه في المقابل، توجد مساحات واسعة ومجاالت كثيرة يجدر التعامل معها وفق مقاربة أفقية تركز على المستوى المجتمعي، ومقاربة قاعدية تنطلق من قاعدة الهرم إلى قمته. ويتضمن ذلك، مثال، استحداث مؤسسات وسيطة وطنية يمكنها تنسيق جهود الوحدات المحلية ضمن سياق السعي لتحقيق األهداف المشتركة (مثل الرعاية الصحية).

bottom of page